المسؤولية الجنائية عن جرائم الاتجار بالبشر في القانون دراسة مقارنة بالفقه الإسلامي

الملخص

أصبحت جريمة الاتجار بالبشر بمختلف صورها وأشكالها موضوعاً خصباً وثرياً، كونها تنتهك بصورة أساسية حقوق الإنسان وكرامته وحريته، وعلى رأسها حقه في أن يكون متحرراً من كافة أشكال سوء المعاملة والاستغلال، وتتسم بأنها جرائم واقعة على الإنسان ذلك أن محل هذه الجرائم وموضوعها هو الإنسان نفسه، وهي ليست مقصورة على جنس معين أو سن معين، بل تشمل الأطفال والنساء والرجال وتمتد إلى جميع الفئات البشرية وتشمل جميع الفئات العمرية، فهي جريمة تمس حياة الأفراد والمجتمعات عموماً وتؤدي إلى الانهيار الاجتماعي والاقتصادي والثقافي لدى مختلف الشعوب، ومما زاد في تعقيدها تطور صورها ووسائل ارتكابها بين الحين والآخر، خاصةً وان هناك الآلاف من الرجال والنساء والأطفال الذين دفعتهم ظروفهم الاجتماعية أو نتيجة للكوارث الطبيعية والحروب والأزمات الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة إلى أن يكونوا فريسة سهله للوقوع في عمليات الاتجار بالبشر من قبل العصابات الإجرامية التي تتكون من أشخاص طبيعيين أو أشخاص اعتبارية منظمة تتولى غالباً الإشراف على تنظيمها ومراقبة تنفيذ عملياتها المختلفة، التي تتمثل  في تجنيد الضحايا ونقلهم واستلامهم وتسليمهم واستقبالهم وإيواؤهم بصورة مشروعة أو غير مشروعة داخل حدود الدولة نفسها أو عبر حدودها الوطنية إلى دولة أخرى، بغرض استغلال الضحايا في أعمال السخرة والخدمة القسرية أو أعمال الدعارة وسائر صور الاستغلال الجنسي أو نزع الأعضاء البشرية والمتاجرة بها وغيرها من صور الاستغلال بغرض تحقيق أرباح ومنافع مادية أو معنوية، ويستوي في ذلك أن يكون استغلال الضحية طواعية باستخدام وسائل الاحتيال والتغرير أو قسراً عن طريق الإكراه باستعمال القوة أو التهديد بها أو الاختطاف وغيرها من الوسائل، الأمر الذي يستدعي تحديد المسؤول عن هذه الجرائم خصوصا حين يتعدد القائمون عليها والمساهمون في ارتكابها داخل إقليم الدولة أو خارجها، وأيضا تقرير مسؤولية كل من له علاقة بارتكاب هذه الجرائم من فاعل أصلي أو مساهم سواء أكان شخصاً طبيعياً أو  شخصية اعتبارية، لذلك كان علينا كباحثين أن نتطرق لهذه الجريمة ونبين ماهيتها وتحديد مسؤولية مرتكبيها وصولاً إلى المساهمة في إيجاد الحلول والمعالجات المناسبة للتصدي لهذه الجرائم والحد من انتشارها وتوسعها,